أبني بذاكرة الأرض بيتاً
من صخرها العتيق حجراً
أفرش فيه سجاداً
وأزين النوافذ بالدانتيل
أسقف تعلو، كأرز يحاذي
السماء، وبجواره زيتونتان
على العتبة، قنديل يروي
حكايا الليل حين يميل
وأبواب زان، تغفو بظلّ
ريحان، فلّ، وزعتر أصيل
لي في لبنان حلماً
أحرر فيه كتباً، وأسمع شعراً
وأحضر مسرحاً وغناءً
أشتم السلطة وأخرج بمظاهرة
أصرخ، أضحك وأبكي مكاناً
أسكر فيه وأنتفض وأتمرد
أتهوّر يوماً أو أصير جبانةً
أمشي صور، حافية الخطى
في المساء، أصل النبطية
حيث أبحث عني
صباحي فيروز فوق الجبال
يختلط عليّ زهر الليمون وفنجان الهيل
وليلي بيروتي يضجّ بالصخب
أنام على فجر الطريق خاوية
ينقطع الضوء، وتجفّ مياهي
يأتي الشتاء برداً يأتات على روحي
كأن البلاد تروي انكساري
وصوت القنابل يهز صمتي
غارةٌ واحدةٌ
تنسف حُلمي
انكسر الحجر، واحترق الدانتيل
جفّ الحبق، بكت الزيتونة
زيتاً أسود، وقضت بالسعير
على شاطئي، التحفتُ الرمال
والنجوم أغطيةً للصقيع
وحيدة، سمائي كانت طائرات
وأرضي، ساحةٌ بلا معيل
يصير حلمي سحاباً وأصير أنا رقماً في الأخبار
أبكي على رسالة من الميدان الموجوع
ومن الشريط العاجل أرتقب خبر الرجوع
Leila Kayyali, 01.12.2024